كانت " مها " في حيرة كبيرة، بعد أن أصبحت كل الأمور مشوشة و غير واضحة أمامها فبرغم الفرحة التي عاشت فيها طيلة الأيام القليلة الماضية بعد أن عاد إليها خطيبها السابق " هادي "، لكنها كانت تشعر بأن هناك شيء ينغص عليها تلك الفرحة.
لا تعرف إن كانت مخطئة أم لا، و هل يجب عليها أن تفرح أم لا، فها هو خطيبها الذي تركها منذ قرابة العام بسبب الغيرة و الشك في سلوكها يعود إليها نادماً و يطلب منها الصفح بعد أن ترك خطيبته الحالية و فشل في عمله أيضاً بالقاهرة و عاد للإسكندرية مؤخراً، و برغم هذه السعادة، لكنها كانت تعرف أن طباعه من شك وعصبية و غيرة قاتلة قد تؤدي إلى الانفصال مرة أخرى و ربما قد تؤدي إلى ما هو أبعد من ذلك، و لم يكن هذا هو السبب الوحيد لحيرتها فقد كانت تعلم أن هناك سبب آخر قوي يتمثل في شخص خطيبها الحالي" عمرو" و الذي تقدم لخطبتها بعد فسخ خطبتها السابقة مباشرة.
كان " عمرو " يعلم أنها لم و لن تحب سوى خطيبها الأول، و أنها قبلت فقط أن تُخطب له عوضاً عن فسخ الخطبة مع " هادي "، و برغم معرفته بهذا الأمر لكنه وافق، فكل شباب النادي كانوا يحلمون بالتعرف على هذه الفتاة الجميلة للغاية، لذا فقد تناسى موضوع " هادي " في مقابل أن ينال غنيمته.
" أحتاج أن أتحدث معها " قالت " مها " هذه الجملة و هي تطلب رقم صديقتها " هدى " من هاتفها النقال لتجد جرساً بلا رد، ففهمت أن الصديقة ما زالت نائمة، و لكن " مها " كانت قد أرسلت لها رسالة عبر الهاتف النقال قبل ساعة لتخبرها بضرورة أن تقابلها بالفيلا الجديدة لأنها تحتاج إلى التحدث معها، و أنها ستكون هناك منذ السابعة و النصف مساء ً و بمفردها و ذلك لتنظيم بعض الأشياء و أن عليها أن تأتي ليتحدثا سوياً و بمفرديهما.
وضعت الهاتف النقال بجوارها على السرير و أسندت رأسها إلى يديها ثم نظرت إلى الساعة فوجدتها لم تتجاوز السادسة مساء، و ما كادت تقوم من مكانها حتى رن جرس الباب بقوة، فطلبت من الخادمة أن ترى من الطارق.
ارتسمت على وجهها علامات الضيق و الخادمة تخبرها بأن " عمرو " يقف على الباب، و بسرعة توجهت إليه فوجدته و علامات الغضب على وجهه و دون أن يتحدث دخل بقوة و هو يلتفت يميناً و يساراً، و سرعان ما أغلقت الباب و التفتت إليه و هي تسأله عن سبب حضوره و لكنه أخبرها بأنه لا يرى مشكلة في أن يحضر ليرى خطيبته.
أرادت أن تخفف من وطأة الأمر فهي تعرف " عمرو " و تهوره القاتل الذي قد يجعله يُقدم على أي شيء أحمق من أجل أن يبدو أمام الأصدقاء كفتى الشاشة الأول، لذا فقد طلبت منه الجلوس في المكتب و الانتظار لدقائق و طلبت من الخادمة أن تعد له الشاي.
توجهت إلى غرفتها و قامت بتغيير ملابسها بسرعة ثم ذهبت إليه بغرفة المكتب فوجدته يجلس على المقعد و يقلب بعض الأشياء الموجودة على المكتب، فجلست معه لمدة عشر دقائق ثم طلبت منه النزول بصحبتها، و توجهت إلى غرفتها لتحضر الحقيبة و الهاتف النقال فوجدت رسالة من صديقتها تخبرها بأنها ستأتي للفيلا عند السابعة و النصف.
أرادت أن تتصل بالصديقة و لكنها أجلت هذا الأمر، و لحظات قصيرة و كانت تجلس بجوار " عمرو " داخل سيارته الخضراء الرياضية و في نفس اللحظة رن جرس الهاتف النقال فقامت بالرد و قالت " ماشي ماشي، خلاص اتفقنا "، و حاولت التظاهر بالنظر إلى الشارع و لكنها لمحت نظرة غضب في عين " عمرو " كانت كافية بأن تحرق كل شيء.
توجها إلى النادي الشهير بمحافظة الإسكندرية وما أن وصلا إلى بوابته حتى طلبت منه ألا يأتي معها لأنها ستجلس مع صديقاتها و سوف يذهبن للتسوق ثم ستعود إلى البيت، و عندما أخبرها و هو يجلس بالسيارة بأنه سمع عن عودة " هادي " و تودده إليها، قالت أنها إشاعات و همت بالنزول لولا أنه أمسك يدها بقوة و أخبرها بأنه لن يتركها تفلت من بين يديه لتذهب إلى أي شخص.
كانت تريد تهدئة الأمور لحين التحدث مع صديقتها " هدى"، لذا فقد ابتسمت و أبعدت يده بهدوء و بسرعة توجهت إلى داخل النادي، و جلست على منضدة بعيدة لوحدها و رفعت هاتفها النقال و طلبت رقم خطيبها السابق " هادي " و اعتذرت له على أنها لم تستطع الرد عليه بشكل جيد في المرة الأولى و أمام رغبته الجامحة في مقابلتها قالت له أن يقابلها بسيارته بأحد الشوارع عند العاشرة مساء ً و كعادته من شك سألها عن السبب في اختيار هذا الشارع الذي لا يطل سوى على مجموعة من الفيلات و العمارات التي معظمها في طور البناء و التجهيز، لكنها أنهت المكالمة بحجة رغبتها في لقاء صديقة جاءت تواً، فهي لم تكن مستعدة لتشرح له أن هذا الشارع الخلفي يطل على فيلا جديدة يقوم أبوها ببنائها.
قامت بعد ذلك مباشرة ً بالاتصال بصديقتها " هدى " و أخبرتها بأنها قرأت رسالتها و اعتذرت لها عن عدم الاتصال بها مباشرة لظروف ما و أنها تنتظرها في الميعاد المحدد، و بعد هذه المكالمة قامت " مها " بغلق التليفون النقال و وضعته في جرابه، فهي لم تكن مستعدة لأن تتلقى أية اتصالات أو أن ترى أية أرقام قد تربكها بشدة و ذلك قبل أن تلتقي بصديقتها و تأخذ وقتها في التفكير.
دقائق و وجدت صوتاً عالياً وسط الحديقة و الكل يتوجه صوبه و لمحت بصعوبة شديدة أحدى الصديقات و هي تتعارك أو هكذا خيل لها، فتوجهت بسرعة إليها و هي لا تصدق ما ترى، , و بالفعل كانت هناك مشادة حريمي استمرت حوالي ثلاثين دقيقة ما بين تطاول بالأيدي و الكلام و غير ذلك، و انتهت بإصابة بسيطة في وجه صديقتها و عندما حاولت أن توقف هذا النزيف البسيط أو أن تتصل بشقيق الصديقة ليأتي و يأخذها اكتشفت أنها قد نسيت كل حاجاتها على المنضدة.
بعد أن انتهت الأمور توجهت إلى المنضدة التي كانت تجلس عليها و هي تنظر في ساعتها فوجدتها السابعة مساء ً و رأت أن الوقت قد حان للتوجه إلى الفيلا، وما أن عادت حتى وجدت " كريم " يجلس على المنضدة و يدخن سيجارة.
لم يكن " كريم " سوى ابن المقاول الثري الذي يقوم أبوه ببناء و تشطيب الفيلا الجديدة الخاصة بأهل " مها " و بعض العقارات الأخرى المجاورة، و منذ أن تعرف عليها هناك و هو يطاردها في كل مكان و لا يدخر جهداً في هذا الأمر، و طيلة الأشهر الماضية و هو يفعل كل شيء من أجل أن يتقرب منها، و لم لا ؟ و هو يعتقد بأن كل نساء الأرض لا يستطعن الوقوف أمامه و لولا فقط جزء صغير متبقي من تشطيبات الفيلا لقامت " مها " بافتعال مشكلة مع هذا الشاب.
قامت بالتقاط حاجاتها بسرعة كبيرة و هي تتعمد تجاهله و ترد عليه في أضيق الحدود و سرعان ما انصرفت و توجهت إلى الخارج و بسرعة استقلت سيارة أجرة و في أثناء الطريق، رأت سيارة خضراء تتبعها بحذر من بعيد، فطلبت من السائق أن يذهب إلى مركز تجاري قريب و ما أن وصلت السيارة الأجرة حتى نزلت منها و توجهت صوب باب المركز و دخلت و هي تتأمل السيارة الخضراء و هي تقف من بعيد و بعد دقيقة واحدة خرجت من باب آخر و تلفتت يميناً و يساراً و استقلت سيارة أجرة و ذهبت إلى الفيلا.
في أثناء وجود " مها " بالمركز التجاري، كانت " هدى " تستعد للنزول من بيتها و الذهاب إلى الفيلا، لكنها وجدت رسالة على هاتفها النقال تأتي من " مها " لتخبرها بأن الميعاد قد تم إلغائه , و أنها لن تأتي لأنها مشغولة في أمور أخرى كثيرة.
تعجبت " هدى " من هذا الأمر و طلبت رقم صديقتها لكنها وجدت جرساً بلا رد، و عليه فقد قامت بإرسال رسالة لصديقتها تخبرها بأنها لن تأتي و كذلك بضرورة الاتصال بها حين تفرغ من مشاغلها، فهي تعرف أن " مها " تمر بظروف صعبة للغاية هذه الأيام.
وصلت سيارة الأجرة عند الفيلا في تمام السابعة و النصف و نزلت مها و توجهت بسرعة صوب الباب و فتحته و دلفت إلى الداخل وأضاءت مصباح صغير و وضعت حقيبتها و هاتفها و توجهت لعمل كوب من الشاي.
خرجت بعد عدة دقائق من المطبخ و قامت بتنظيم بعض الأشياء و بعد ربع ساعة قررت أن تتصل بصديقتها لتعرف لم تأخرت !؟؟ و تطلب منها سرعة القدوم و لكنها وجدت الهاتف النقال لا يعمل و عبثاً حاولت معه، و لم يأخذها من هذا الأمر سوى أنها سمعت صوت خطوات يأتي من خلفها فالتفتت لتجد شخص يقف أمامها، و بسرعة توجهت صوب الباب و هي تصرخ فيه و تطالبه بالانصراف، و لكنه أمسك بها و حاول الاعتداء عليها فقاومته بقوة فقام بضربها على وجهها لتصطدم رأسها ببعض أدوات البناء و تسقط قتيلة ...!!!
توجه القاتل بسرعة إلى الخارج بعد أن أغلق الباب وراءه و بخطوات سريعة انطلق صوب الشارع الخلفي و أخذ سيارته و أنطلق ...
كان " هادي " بشكه و عصبيته و فشله في عمله الأخير بالقاهرة ... موضع اتهام
كان " عمرو " بغروره و تهوره و خلافاته معها في الفترة الأخيرة ... موضع اتهام
كان " كريم " بمطارداته العنيفة لها دائماً و رغبته في أن يتقرب منها ... موضع اتهام
من قتل " مها " من بين الثلاثة